الأسهم النقية: ما هي؟ وكيف يختارها المستثمر المتوافق مع الشريعة؟
تعرف على مفهوم الأسهم النقية، ومعايير تصنيفها الشرعي، وكيف تبني محفظة استثمارية متوافقة مع الشريعة دون التضحية بالعوائد أو التنويع.

في السنوات الأخيرة، ازداد اهتمام المستثمرين في العالم الإسلامي بفهم معايير الأسهم النقية والتمييز بينها وبين غيرها من أدوات الاستثمار.
فمع تنامي الوعي المالي والرغبة في تحقيق أرباح متوافقة مع الشريعة، أصبحت هذه الأسهم محورًا رئيسيًا في استراتيجيات كثير من الأفراد والمؤسسات.
لكن ما المقصود بالأسهم النقية؟ ومن يحدد مدى توافقها مع الضوابط الشرعية؟
وهل يمكن للمستثمر أن يبني محفظة متنوعة وعالية الأداء دون الخروج عن الإطار المباح؟
في هذا الدليل، نُجيب عن هذه الأسئلة، ونستعرض أهم المعايير والقوائم الشرعية ذات العلاقة.
ما المقصود بالأسهم النقية؟ ولماذا يبحث عنها المستثمرون؟
الأسهم النقية هي تلك التي تستوفي الضوابط الشرعية في أنشطتها ومصادر دخلها وميزانيتها المالية، وفقًا للمعايير التي تضعها الهيئات الشرعية المختصة.
بمعنى آخر، هي أسهم لشركات لا تمارس أنشطة محرّمة أو مشبوهة، ولا تعتمد بشكل جوهري على الفوائد الربوية أو المعاملات المالية المخالفة.
لماذا يهتم بها المستثمرون؟
- الامتثال الديني:
يرغب كثير من المستثمرين في تنمية أموالهم دون مخالفة الشريعة الإسلامية. - الشفافية والموثوقية:
غالبًا ما تكون الشركات المصنفة ضمن هذه الفئة حريصة على الإفصاح المالي والحوكمة. - الاطمئنان النفسي:
الاستثمار وفق قيم متوافقة مع المعتقدات الشخصية يعزز شعور الثقة والاتزان في اتخاذ القرارات.
لكن من المهم أن نُدرك أن التصنيف لا يعتمد فقط على نوع النشاط، بل يشمل أيضًا عناصر مثل حجم القروض والفوائد ضمن القوائم المالية.
المعايير الشرعية لتصنيف الأسهم النقية
لكي تُصنَّف الشركة ضمن قائمة الأسهم النقية، لا يكفي أن يكون نشاطها مباحًا، بل يجب أيضًا أن تلتزم بعدد من الشروط المالية التي تضمن خلوها من الربا أو التعاملات المحظورة شرعًا.
أهم المعايير المستخدمة:
- نقاء النشاط الأساسي
يجب أن يكون نشاط الشركة مباحًا، مثل الصناعة، الاتصالات، الزراعة، أو التجزئة.
ويُستبعد من ذلك الشركات العاملة في مجالات مثل البنوك الربوية، التأمين التجاري، المشروبات الكحولية، أو المقامرة. - نسبة الديون الربوية
غالبًا ما يُشترط ألا تتجاوز الديون الربوية نسبة 30% من إجمالي أصول الشركة. - نسبة الإيرادات غير الشرعية
يجب ألا تتجاوز الإيرادات المحرّمة (مثل فوائد البنوك أو الغرامات) نسبة محددة من إجمالي الإيرادات، وغالبًا ما يُوصى بتنقيتها عند توزيع الأرباح. - نسبة الأصول السائلة إلى إجمالي الأصول
لبعض الهيئات، شرط أن لا تكون غالبية أصول الشركة عبارة عن أموال نقدية أو شبه نقدية دون نشاط إنتاجي حقيقي.
هذه المعايير ليست موحّدة عالميًا، بل قد تختلف تفاصيلها بين الهيئات الشرعية المختلفة، كهيئة السوق المالية السعودية أو لجان الفتوى في الدول الخليجية.
دور الهيئات الشرعية ومواقع تصنيف الأسهم النقية
في ظل تعقيد القوائم المالية وتنوّع الأنشطة داخل الشركات، أصبح من الصعب على المستثمر العادي أن يُحلل كل سهم بنفسه.
هنا يأتي دور الهيئات الشرعية والمراجع المعتمدة التي تسهّل على الأفراد اتخاذ قرارات استثمارية متوافقة مع الشريعة.
أبرز الجهات والمراجع:
- الهيئة الشرعية في هيئة السوق المالية السعودية (CMA)
تصدر تقارير دورية تتضمن معايير شرعية وإجماعًا على تصنيف بعض الشركات. - قوائم الشيخ العصيمي
من أشهر المراجع لدى المستثمرين في السوق السعودي، ويُصدر تقارير فصلية تضم الأسهم النقية والمختلطة. - تطبيقات إلكترونية متخصصة
مثل “الراجحي المالية” و“بيانات” و“تداولكم”، حيث توفر تحديثات سريعة لقوائم الشركات المتوافقة مع الشريعة. - الصناديق الشرعية
بعض صناديق الاستثمار تعتمد فقط على أسهم نقية، ما يتيح خيارًا جاهزًا للمستثمرين دون الحاجة للتحليل الفردي.
لكن من المهم أن يُراجع المستثمر مصادر متعددة ويُدرك أن التصنيف قد يختلف حسب المرجعية، ما يعني ضرورة التحقق الدوري.
قائمة الأسهم النقية في السوق السعودي (2025)
تُعد السوق المالية السعودية (تداول) من أكثر الأسواق التي تولي اهتمامًا بمسألة التوافق الشرعي، ولهذا تنتشر فيها العديد من الشركات المصنفة ضمن الأسهم النقية.
فيما يلي أمثلة على بعض أبرز الأسهم النقية لعام 2025، وفقًا لقوائم الجهات الشرعية مثل الشيخ العصيمي:
أمثلة على أسهم نقية:
- الراجحي (مصرف الراجحي)
- المتقدمة (المتقدمة للبتروكيماويات)
- جرير (شركة جرير للتسويق)
- أسواق العثيم
- هرفي للأغذية
- المراعي
- الدريس
- ينساب
ملاحظة: تختلف هذه القوائم من ربع لآخر حسب البيانات المالية المعلنة. يُنصح دائمًا بالرجوع إلى آخر نسخة رسمية محدثة من مصادر موثوقة قبل اتخاذ قرار استثماري.
كما أن بعض التطبيقات والمواقع الإلكترونية تتيح للمستثمر إمكانية البحث المباشر عن مدى توافق أي سهم مع الضوابط الشرعية.
رغم أن السوق السعودي يُعد الأكثر تنظيمًا وتنوعًا في قوائم الأسهم النقية، فإن بقية الأسواق الخليجية — مثل الإمارات والكويت وقطر — تضم أيضًا شركات متوافقة مع الضوابط الشرعية، وإن كان التصنيف أقل وضوحًا أو مركزية.
الوضع حسب الأسواق:
- السوق الإماراتي:
يوجد عدد من الشركات التي تعمل في أنشطة مباحة وتتمتع بهيكل مالي متوافق مع الشريعة، لكن لا تتوفر دائمًا قوائم رسمية معلنة مثل السوق السعودي.
بعض الصناديق الشرعية المحلية أو البنوك الإسلامية تصدر تصنيفات خاصة بها. - السوق الكويتي:
يوجد تنسيق أكبر بين الهيئات الشرعية والبورصة، وتتوفر صناديق استثمارية تركز على أسهم نقية فقط. - السوق القطري والعماني:
تتوفر خيارات محدودة من الأسهم المتوافقة، وغالبًا ما يعتمد المستثمرون على الاجتهادات الفردية أو تقييمات داخل المؤسسات المالية الإسلامية.
في المجمل، يمكن القول إن فرص الاستثمار في الأسهم النقية قائمة في الأسواق الخليجية، لكنها تتطلب جهدًا أكبر في التحليل والتحقق مقارنة بالسوق السعودي.
هل تختلف الأسهم النقية من وقت لآخر؟ ولماذا؟
نعم، تصنيفات الأسهم النقية ليست ثابتة، بل قد تتغير بشكل دوري تبعًا للتقارير المالية التي تصدرها الشركات، وأداءها المالي وسلوكها التشغيلي خلال كل ربع أو سنة مالية.
الأسباب الرئيسية لتغيّر التصنيف:
- تغير نسب الديون أو الأصول الربوية
قد ترتفع نسبة القروض أو الفوائد في ميزانية الشركة، ما يؤدي إلى خروجها من قائمة الأسهم النقية. - إيرادات غير متوافقة مع الشريعة
إذا بدأت الشركة في تحقيق دخل من مصادر محرّمة شرعًا، كالمقامرة أو الفوائد البنكية، يتم إعادة تقييمها. - استثمارات الشركة في أدوات مالية غير شرعية
مثل الاستثمار في سندات تقليدية أو صناديق ربوية. - تغيّر في نشاط الشركة الأساسي
إذا حدث تحول استراتيجي في طبيعة النشاط — كأن تنتقل من نشاط مباح إلى مختلط أو مشبوه — يؤثر ذلك مباشرة على التصنيف.
ماذا يعني ذلك للمستثمر؟
المتابعة الدورية لقوائم التصنيف الشرعي أمر ضروري، خاصة لمن يلتزم بضوابط الاستثمار الإسلامي.
الاستثمار في سهم كان “نقيًا” في الربع السابق لا يضمن استمراره كذلك في الفترات القادمة.
التحديات التي يواجهها المستثمر في الأسهم النقية
رغم مزايا الاستثمار في الأسهم النقية من حيث الالتزام الشرعي والطمأنينة النفسية، إلا أن المستثمرين يواجهون بعض التحديات العملية عند الاعتماد على هذا النوع من الأسهم فقط.
أبرز هذه التحديات:
- محدودية عدد الشركات
القوائم الشرعية لا تشمل كل القطاعات، خاصة تلك التي تعتمد على التمويل الربوي أو تمارس أنشطة غير متوافقة، ما قد يُقلل من فرص التنويع. - ضعف التمثيل في بعض القطاعات التقنية أو الدولية
العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى أو الشركات العالمية لا تتوافق بالكامل مع الضوابط الشرعية، ما يحد من الانكشاف على بعض الاتجاهات المستقبلية. - تغير مستمر في التصنيف
كما ذكرنا، قد تخرج شركات من التصنيف في أي ربع بسبب تغيّرات مالية، ما يجعل إدارة المحفظة أكثر تعقيدًا. - قلة الوعي أو اختلاف المعايير
بعض المستثمرين قد يجدون صعوبة في التحقق من مصادر التصنيف، أو يواجهون اختلافًا بين آراء الهيئات الشرعية المختلفة.
هل هذه التحديات تمنع الاستثمار الشرعي؟
ليس بالضرورة. مع وجود وعي مالي جيد، والاستعانة بالمراجع الموثوقة، يمكن تجاوز هذه التحديات وبناء محفظة فعّالة ومُلتزمة في الوقت ذاته.
هل يمكن بناء محفظة متوازنة من الأسهم النقية؟
رغم التحديات التي قد يواجهها المستثمر، إلا أنه من الممكن تمامًا بناء محفظة استثمارية متوازنة ومعتمدة على الأسهم النقية فقط، بشرط التخطيط السليم والتنوّع المدروس.
كيف تحقق التوازن؟
- التنويع بين القطاعات
حتى داخل قائمة الأسهم النقية، يمكن تنويع المحفظة بين قطاعات مثل البتروكيماويات، الأغذية، التجزئة، الاتصالات، والخدمات اللوجستية. - الاعتماد على صناديق شرعية
توفر صناديق الاستثمار المتوافقة مع الشريعة خيارات جاهزة ومنوّعة، دون الحاجة إلى تحليل كل سهم على حدة. - الاستثمار طويل الأجل
الاحتفاظ بالأسهم النقية على المدى الطويل يحدّ من تأثير تغير التصنيفات المؤقتة، ويُسهم في الاستقرار. - مراجعة دورية للمحفظة
ينبغي متابعة التقارير الشرعية ربع السنوية لتعديل المحفظة عند الضرورة.
الأسئلة الشائعة حول الأسهم النقية
كيف أتحقق من نقاء سهم معين؟
يمكنك الرجوع إلى تقارير الجهات الشرعية المعتمدة، مثل قوائم الشيخ العصيمي، أو استخدام تطبيقات مالية موثوقة توفّر تصنيفات الأسهم الشرعية بناءً على بيانات ربع سنوية.
ما الفرق بين الأسهم النقية والمختلطة؟
الأسهم النقية تلتزم بالكامل بالضوابط الشرعية في نشاطها وتمويلها، بينما المختلطة تمارس أنشطة مباحة لكن لديها بعض المعاملات غير الشرعية (مثل الفوائد أو القروض) بنسبة معينة، ويُشترط معها “تنقية الأرباح”.
هل الأسهم النقية دائمًا مربحة؟
ليست بالضرورة أكثر ربحية من غيرها، لكنها تتميز بالاستقرار والامتثال الشرعي. أداؤها يعتمد على جودة الشركة نفسها وظروف السوق، لا على تصنيفها وحده.
هل يمكن الاستثمار في صناديق أسهم نقية؟
نعم، العديد من البنوك الإسلامية والمؤسسات المالية تتيح صناديق استثمارية متوافقة مع الشريعة، وتستثمر فقط في الأسهم النقية المعتمدة.
خلاصة المقال
الأسهم النقية تمثل خيارًا استثماريًا مثاليًا للمستثمرين الذين يسعون لتحقيق عوائد مالية دون الخروج عن الضوابط الشرعية.
فهي تجمع بين الامتثال الديني والفرص الاقتصادية، مع توفر تصنيفات موثوقة تسهّل اتخاذ القرار.
ورغم وجود بعض التحديات، مثل محدودية الخيارات أو تغيّر التصنيفات، إلا أن المستثمر الواعي يمكنه بناء محفظة متوازنة من هذه الأسهم من خلال التنويع، الاعتماد على الصناديق الشرعية، والمتابعة الدورية للتقارير المالية.
في بيئة استثمارية متغيرة، يظل الاستثمار المتوافق مع القيم خيارًا مستدامًا وآمنًا على المدى الطويل.
في بيئة استثمارية متغيرة، يظل الاستثمار المتوافق مع القيم خيارًا مستدامًا وآمنًا على المدى الطويل.
ولمن يسعى إلى توسيع خياراته ضمن الإطار الشرعي، يُمكن أيضًا الاطلاع على حكم تداول العملات الرقمية لفهم مدى توافق هذا النوع من الأصول مع الشريعة الإسلامية.